إقتصاد وطاقة

تخلي الشباب عن الحرف اليدوية لصالح المهن الفكرية

تستقطب المهن الفكرية أكثر فأكثر الشباب على حساب الحرف اليدوية التي تعد متعبة أكثر و اقل ربحا نظرا للصورة السلبية التي تعكسها و التصور الخاطئ للمواطنين لهذه الحرف.

و يتوجه الشباب الطامح الى كسب وضع اجتماعي نحو المهن الفكرية حتى تكون لهم مكانة مرموقة في المجتمع كون التمتع بمكانة اجتماعية راقية عادة ما يكون مرتبط بالحصول على منصب مهني هام.

كما تجبرالتحولات الديمغرافية و تطور المستوى المعيشي الشباب الى اختيار المهن الفكرية لتحقيق المزيد من الرقي و الثراء.

و يشجع الاباء الواعون بتغيرات المجتمع ابناءهم على الدراسة حتى و ان لم يكونوا قادرين على استكمال مشوارهم الدراسي و الالتحاق بالجامعة.

و بهذا الصدد يتفق مختصو علم النفس و الاجتماع على ان بعث الحرف اليدوية يقتضي تثمينها من خلال التحفيزات المالية و ادراجها في تخصصات مؤطرة و منظمة بشبكات اجور و الحماية الاجتماعية.

و اعتبرت الاستاذة في علم النفس و الاجتماع السيدة حورية احسن جاب الله ان ترقية الحرف اليدوية من خلال تحفيزات مالية شرط اساسي لتشجيع الشباب على التوجه نحو هذه النشاطات حتى يتمكنوا من احتلال مكانة اجتماعية و الارتقاء.

و من المعروف ان الحرف المربحة تستقطب الشباب الذين سيختاروا اي مهنة كانت اذا ما كان استفادوا من اجر جيد و مساعدات من الدولة لانشاء مؤسساتهم الخاصة.

و يعتبر البيداغوجيون انه من غير المجدي الاصرار على تلقين الاطفال اهمية المهن الفكرية اذا ما كان اهتمام الطفل موجه نحو حرف الصناعة التقليدية.

و فيما يخص التوجه نحو الربح السهل الذي يستهوي الشباب بشكل متزايد اقترحت السيدة جاب الله تلقين الاطفال اتقان العمل و كسب المال بعرق الجبين.

كما انه على المجتمع ان يتسائل حول نماذج النجاح التي تعرضها على الشباب الباحث عن السعادة لان النجاح ليس له صلة بالصور التي يعكسها المجتمع.

و قال ان الشباب الباحث عن النجاح عادة ما ينسى ان النجاح يعني التطور المهني في مجالات الصناعة التقليدية و الحرف اليدوية اذا ما تم انجاز العمل بشغف و قناعة.

كما سيجد الشباب بسهولة مكانته و يختار من بين مجموعة متنوعة من الحرف المتوفرة كون ان قطاع التشغيل يعرف حاليا عجزا هاما في في مجال المهن اليدوية.

و فيما يخص الجانب الاجتماعي ثبت ان كل مهنة يمكن ان تستقطب الشباب شريطة ان تكون لها اهمية مهنية و تضمن اندماجا اجتماعيا.

و حسب المختص في علم الاجتماع صايب موزيت فان الشباب لا يرفض جميعا ممارسة حرف يدوية مضيفا انه بامكان الشباب البالغ سن الشغل ان يمارس اي مهنة اذا ما توفرت ظروف ملائمة للعمل و الاجر المناسب.

و تبين الحصيلة ميدانيا ان الاعمال اليدوية تجد دوما يد عاملة ضمن الشباب حتى و ان يسعى اغلبيتهم للتوجه نحو مهن فكرية لان مستوى تعليم الشعب الجزائري قد تطور و تحسنت تطلعات الشباب.

و بهذا الصدد اشارت رئيسة جمعية “اقرا” عائشة باركي الى ان نسبة الامية في الجزائر بلغت 19 بالمئة سنة 2013 مقابل 43 بالمئة في سنوات 90 و 90 بالمئة بعد الاستقلال مستندة الى دراسة انجزتها جمعيتها.

وحتى يهتم الشباب اكثر بهذه المهن الضرورية للاقتصاد اقترح السيد موزيت ادماج تكنولوجي وعصري لهذه المهن لرفع قابليتها على استقطاب الشباب.

واقترح استمرارية في ممارسة مناصب الشغل هذه حتى لا تتم ممارستها فقط في المواسم الهادئة و ضمان استمرارية في الاجور و ترسيمها من خلال منح الحماية الاجتماعية و التجهيزات المناسبة.

والمجتمع بحاجة الى مجموعة متنوعة من الحرف ليطمح الى التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و ضمان توازن في كافة قطاعات النشاط بغية بلوغ هذا الهدف. و لذلك من الضروري اعادة تاطير هذه المهن ومباشرة تكوينات في هذه المجالات و انشاء مؤسسات مناولة يتم فيها تمثيل مختلف المهن للسماح للمواطنين بالتواصل مع الحرفيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى