إقتصاد وطاقة

القــــرض السنـــدي.. ملامـح الفشــل

دخلت حكومة عبد المالك سلال في سباق مع الزمن لضمان إنجاح عملية القرض السندي، مجنّدة في ذلك كافة المؤسسات عمومية وخاصة. ورغم كل الوسائل المسخرة، فإن السلطات العمومية لم تنجح بعد العملية المعلن عنها من قبل منتدى رؤساء المؤسسات، في استقطاب سوى حوالي 400 مليار دينار أو ما يعادل 3.6 مليار دولار، رغم إشراك الهيئات والمؤسسات العمومية والمركزية النقابية ومختلف الشبكات. وتصبو العملية التي تنقضي في 17 أكتوبر المقبل إلى تجنيد موارد مالية تصل إلى 10 ملايير دولار، في وقت يقدّر فيه العجز في الميزانية بـ 30 مليار دولار.

العملية الأولى مكنت من تحصيل 2.2 مليار دولار فقط

الحكومة تحتاج إلى 10 ملايير دولار قبل أكتوبر المقبل

مكنت أولى العمليات التي تمت منذ إطلاقها في شهر أفريل 2016، وبتجنيد للمؤسسات والهيئات، من تحصيل حوالي 251 مليار دينار أو ما يعادل 2.26 مليار دولار، مع تسجيل أغلبية عمليات الاكتتاب في الوكالات البنكية وشركات التأمين ونسبة قليلة في الخزينة، حيث قررت السلطات العمومية اعتماد هذه الوسيلة كآلية لتمويل المشاريع والاستثمارات تفاديا للجوء الآلي للاستدانة سواء الداخلية أو الخارجية.

إلا أن العملية لم تؤد من الناحية العملية إلى تحقيق نتائج كبيرة، فالقيمة المحصلة تقل عن مستوى معدلات المشاريع الهيكلية التي تم اعتمادها  في السنوات الأخيرة، على شاكلة الطريق السيار شرق غرب الذي بلغ حوالي 14 الى 15 مليار دولار، أو مشروع الجامع الأعظم الذي يقدر كلية بقرابة 4 ملايير دولار، ومن ثم، فإن النتائج الأولية كانت أبعد من الأهداف المتوخاة والتي تتقاطع مع رغبة السلطات في استقطاب وامتصاص جزء من السيولة النقدية التي يتم تداولها خارج الدائرة الرسمية والأسواق الموازية، مثلها مثل التدابير الخاصة بالالتزام الضريبي.

فقد تم إطلاق ما يعرف بـ “القرض الوطني للنمو الاقتصادي” في 17 أفريل الماضي، على أن يدوم الاكتتاب لمدة 6 أشهر من أفريل إلى أكتوبر 2016، إذ تم تحديد نسب فائدة، حسب مدة التسديد. فبالنسبة لاكتتاب مدته ثلاث (3) سنوات، فإن معدل الفائدة حدد عند 5 في المائة،  فيما قدّرت نسبة الفائدة للاكتتاب لمدة خمس 5 سنوات بـ 5.75 في المائة، وهو مستوى أعلى من معدلات نسب الفائدة لدى البنوك، ولكنه بالمقابل يقترب من نسب التضخم. كما اتجهت السلطات إلى اعتماد صيغتين أضيفت للصيغة الرئيسية التي كانت تقدّر بـ 50 ألف دينار للسند، الأولى بـ 10 آلاف دينار لصغار المدخرين ومليون دينار لكبار المدخرين، مع توجّه السلطات لإشراك المستخدمين والعمال عبر اقتطاع غير مباشر.

وبعد المرحلة الأولى، اتجهت السلطات إلى توسيع دائرة التجنيد للمؤسسات الخاصة، خاصة وأن العملية الأولى بيّنت محدودية هامش الحركة لدى البنوك وشركات التأمين والهيئات العمومية، حيث يتم البقاء في نفس الدائرة المغلقة للموارد المتاحة، فجاءت بذلك عملية ثانية باشتراك المتعاملين الاقتصاديين بمعية منتدى رؤساء المؤسسات التي سمحت بتحصيل حوالي 150 مليار دينار، وعلى ضوء ذلك، وفي حالة الوفاء بكافة الالتزامات المقدمة، فإن القيمة المحصلة تقدّر بحوالي 400 مليار دينار أو ما يعادل 3.6 مليار دولار، وبالتالي، فإن التحصيل الكلي بتجنيد كافة الهيئات والمؤسسات العمومية والخاصة والصناديق المختلفة، لن يحقق سوى حوالي 36 في المائة من القيمة المراد تحصيلها أي 10 مليار دولار، وهي تعدّ ثلث معدل العجز في الموازنة المقدّر بحوالي 30 مليار دولار، والى جانب ذلك، فإن التجنيد الكامل يضع البنوك والمؤسسات في حالة نقص سيولة معتبر، وهو ما عكسه فشل عملية الاكتتاب وطرح أسهم المؤسسة العمومية للإسمنت عين الكبيرة بنسبة 35 في المائة في بورصة الجزائر والتي تم الإعلان عنها لأول مرة كعملية فاشلة.    

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى