الوطني

أحد أعمدة المسرح الوطني ينهار برحيل امحمد بن قطاف

فقد المسرح الوطني الجزائري أمس الأحد أحد أعمدته برحيل الممثل و المخرج و المؤلف المسرحي امحمد بن قطاف الذي تألق على الركح بحضوره القوي وأداءه المبهر و صوته المميز .

امحمد بن قطاف يودع اليوم و إلى الأبد تلك البناية الشامخة التي تحتضن باعتزاز مؤسسة المسرح الوطني ب “سكوار بور سعيد” التي غيبه عنها المرض في الآونة الأخيرة بعد تواصل و تفاعل مع خشبتها لأكثر من 40 سنة.

لقد التحق الفقيد بهذه المؤسسة في بداية الستينيات و هو في عنفوان شبابه و عمل الى جانب ثلة من المبدعين الشباب لرفع التحدي و بناء مسرح جزائري قوي يساير تطلعات الجزائر المستقلة حديثا .

وقد سحرته أضواء الخشبة منذ الوهلة الأولى بعد نجاحه في مسابقة نظمها التلفزيون الجزائري لاكتشاف مواهب غنائية حيث تقدم كمغني و كان يملك صوتا جميلا لكنه تم توجيهه للتمثيل كما صرح في حوارات صحفية. و كانت الصدفة خير من الف ميعاد لتفجر تلك الطاقة التمثلية الهائلة التي يمتلكها بن قطاف.

التحق امحمد بن قطاف في البداية بالمسرح الإذاعي حيث اظهر إمكانيات فنية مبهرة و صوتا جهوريا جذابا وصادف تمثله في احدى الأعمال الاذاعية “بلا عنوان “لمحمد حلمي و كان ذلك في 1965 حضور المسرحي الكبير مصطفى كاتب الذي اعجب بتمثيله وتمكنه من اللغة العربية فضمه لفرقته لتقمص ادوار كثيرة في اعمال فاقت ال40 مسرحية.

و قد فجر المسرح الطاقات المخزونة لهذا المبدع الذي ترك أداءه بصمات لا تزول على الركح من خلال أعمال خالدة سواء المقتبسة من المسرح الكلاسيكي العالمي من خلال مسرحيات لموليير و شكسبير او الاعمال المحلية حيث سجل حضورا لمسرحيين جزائريين مثل ولد عبد الرحمان كاكي و كاتب ياسين .

و يتذكر الكثير من عشاق المسرح تألقه في دور “عمي العابد” في مسرحية “الشهداء يعودون هذا الاسبوع ” المقتبسة عن رواية للطاهر وطار بنفس العنوان و التي اخرجها زياني الشريف عياد عام 1986 ونالت الجائزة الكبرى في مهرجان قرطاج عام 1988 التي اعيد تقديمها مرتين اخرها في 2011 و كانت من اخراج صونيا .

الى جانب الأداء كانت للراحل محطات مع الكتابة الدرامية و الترجمة و الاقتباس كما في مسرحية ’’ايفان ايفانو فيتش’’ للكاتب الدارمي الروسي جوجول وايضا ترجمته مسرحية ’’الرجل ذو النعل المطاطي ’’ لكاتب ياسين و تعامل بالاقتباس ايضا مع نصوص عالمية لمسرحين عالميين مثل ري بردبوري و علي سالم و نزيم حكمت و محمود ذياب و غيرهم .

احتك بن قطاف طيلة مسيرته الفنية الثرية بالكثير من نساء و رجال المسرح امثال علال المحب و مصطفى كاتب و رويشد والسيدة كلثوم وسيد علي كويرات . وكان رائد المسرح الجزائري مصطفى كاتب من بين الذين تأثر بهم بن قطاف في بداية مشواره الفني الى جانب الممثل محمد ونيش .

و تعامل الفقيد ايضا مع فنانين من جيله على غرار المرحوم عزالدين مجوبي و صونيا و زياني شريف عياد حيث خاضوا معا اول تجربة للمسرح المستقل في الجزائر بإنشاء “مسرح القلعة ” في 1990.

و قد ظهر الفقيد الذي انطفأت شمعته في ربيعه ال 75 اثر مرض عضال في اكثر من 100 عمل تقمص الدور الرئيسي في معظمها .

ذه التجربة المتنوعة والغنية في عالم الفن الرابع صقلت موهبة الرجل ومنحته قدرة كبيرة على التواصل مع الجميع والتعامل مع المسرح بكثير من الحب و الاحترام مع موهبة مبدعة كما اكده العديد من الذين تعاملوا معه طيلة مسيرته مع الفن وإثناء وجوده كمدير للمسرح الوطني الجزائري منذ 2004 الى ان وافته المنية امس الاحد بإحدى مستشفيات العاصمة.

و قال عنه الممثل عباس محمد إسلام” إنه فارس الخشبة دون منازع صارم ومنضبط” مذكرا في إحدى التصريحات الصحفية “تعلمنا منه إقصاء كلمة ’’تعب’’ من القاموس وأن يكون الشخص فنانا هو خيار ودرس“.

ورغم مسؤولياته الادارية في الاعوام الاخيرة التي ابعدته عن المسرح عشقه الاول و الاخير إلا ان امحمد بن قطاف بقي يحن للركح و قريبا منه بروح المبدع الذي وهب عمره لأبي الفنون .

ولد محمد بن قطاف في 20 ديسمبر 1939 بحي حسين داي بالعاصمة و تنحدر اسرته من ولاية برج بوعريريج و التحق بالإذاعة الوطنية عام 1963 قبل ان ينطلق في مجال الفن الرابع كممثل ومؤلف ومخرج ما بين 1966 و 1989.

وقد ألف زهاء 15 مسرحية منها “جحا والناس” (1980) و”موقف مستقر” (1995) إضافة الى “فاطمة ضجيج الاخرين” (1998).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى