الدولي

سيـناريوهات الحـــرب و جــهود السّــــــلام

يتساءل متتبعو الشأن المالي هذه الأيام عن جدوى إرسال قوات عسكرية إلى شمال الأخيرة مادام التنظيم الذي يحوي أكبر عدد من الجنود شمال مالي عبر عن جنحه للسلم ولمخطط التسوية التي تقوده الجزائر وبوركينافاسو حيث أن أنصار الدين (4000 جندي)، تمثل أغلبية حاملي السلاح ضد النظام المالي وهي ذاتها التي رضخت لمطلب الجزائر القاضي بضرورة تنديدها للأعمال الإرهابية كأرضية لا مرجع عنها لتأسيس اي حوار ،وهو الأمر الذي لم يتوان أنصار الدين عن التصريح به مؤخرا(6 نوفمبر 2012) على لسان “آغ أهاريد” الذي أكد أن “أنصار الدّين” ترفض الإرهاب بجميع أشكاله، في سابقة كادت تكون أرضية وفاق يمكن بناء حوار حقيقي على أساسها.

بخلاف ذلك تأتي قرارات المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا “إيكواس”الرامية إلى إرسال قوة إفريقية من 3300 جندي إلى شعاب مـالي لمحاربة أزيد من 6000 جندي مدرب على حروب العصابات و التخفي في المناطق الوعرة حيث أن التقارير العسكرية الاتية من مالي تقول أن مجموع جنود التنظيم المسمى القاعدة في بلا المغرب الإسلامي إضافة إلى ما يعرف بجماعة التوحيد و الجهاد يضاهي 2000 جندي وقد يصل التعداد الكلي إلى 6000 إذا ما تم استدراج أنصار الدين إلى الحرب التي قد تدوم دون أن ترسي قواعد أمنٍ حقيقي بالمنطقة .

يتساءل مراقبون حول فعالية الجيوش الإفريقية (3300 جندي) في هكذا حروب وهي التي لم تتلقى أي تدريب على مكافحة الإرهاب ناهيك عن النقص اللوجستي الذي تعاني منه فالقوة الإفريقية تلك تتكون اساسا من جنود كل من نيجيريا والسنغال والنيجر والتي ليس لأي أحد أن يقول عنها أنها قوى عسكرية”بالمعنى الحديث” للكلمة فهي لا تتوفر على الحنكة التكنولوجية و لا القوة المادية بل لن تستفيد من أي دعم لوجستي ما دامت الدول الكبرى مثل فرنسا تقول أنها سترسل ضباطا لتكوين الأفارقة .

ولعل التحفظات التي أبدتها الجزائر حول تدخل عسكري بمالي تنبني على أساس «قرار مجلس الأمن الأخير و الذي يكلّف الأفارقة بإيجاد تصور ثنائي يجمع استعمال القوة بالحوار، حيث ترى الدبلوماسية الجزائرية ترى أنه لم يتم احترام الشق الثاني من القرار ألأممي في القرار الصادر عن قمة “أبوجا“.

في ذات السياق،وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية، عمّار بلاني، أمس، قرار التدخّل العسكري في شمال مالي بـ”الخطأ الكارثي“.

وقال بلاني، في تصريح لموقع “كل شيء عن الجزائر”، إن “الجزائر اختارت خروجاً للأزمة في مالي عن طريق الحوار بين الحكومة المالية والجماعات الانفصالية في الشمال، وسيكون خطأ كارثياً تنفيذ تدخّل عسكري سيفهم منه بأنه تدخّل يستهدف كسر الطوارق

ويرى ملاحظون*أنه من غير الممكن أن تنجح تلك القوة الإفريقية المزمع نشرها لا حقا بمالي في مهمتها في بلدٍ تبلغ مساحته 650 ألف كيلومتر مربع، وهي المساحة المساوية لمساحة أفغانستان، ومساوية لمساحة فرنسا وكندا مجتمعتين؟ خاصة وأن الجنود المكلفين في القتال في تلك المساحة لا ينتمون الى دول معروفة بخبراتها العسكرية العريقة ليقال أنها قوات نخبة قادرة على فعل المعجزات، فستقوم نيجيريا والنيجر وبوركينا فاسو بتشكيل تلك القوة لإنجاز المهمة خلال ستة أشهر قابلة للتجديد ربما لستة أشهر أخرى. ورغم الخبرة الميدانية التي تمتلكها القوات النيجيرية في حروب الصحراء بيد أن القوة المشكلة لن تكون قادرة على إنجاز شيء لعاملين؛ أولهما المساحةالشاسعة، وثانيهما قوة الإسلاميين المسيطرين على شمال مالي والتي تتكون في الأساس من تحالف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي المنتمية إلى القاعدة وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا.*

تنبني المقاربة الجزائرية لحل الأزمة في مالي على معرفة حثيثة بحقيقة المنطق الجهادي و هي الدولة الرائدة في مجال مكافحة الإرهاب حيث أن المعادلة في مالي لها متغيرات عدّة فمن جهة لدينا “حركة تحرير أزواد” و مجموعة أنصار الدين اللتان تحاولان التعامل مع المجموعة الدولية من منطق المسلوب حقه و الجانح للسلم و من جهة أخرى لدينا الجماعات الجهادية التي تتنفس العداء لكل الغرب و لمنطق الدولة الحديثة (الجمهورية).

قد يكون التدخل العسكري المرتقب شمال مالي حجة للجماعات المسلحة لتبرير العمليات الإرهابية، خصوصا وأنه مقارنة بالقوة الأفريقية المسلحة التي ستخوض الحرب هناك،تتوفر المجموعات الإرهابية علىذخيرة لا يستهان بها من الأسلحة الفتاكة والتي ستعقد مهمة الأفارقة حيث يؤكد المراقبون أن التنظيمات المسلحة تتوفر على كمية معتبرة من السلاح الحديث الذي وصلها إثر الحرب على ليبيا.

بالرغم من أن المجموعة الدولية لا تتوفر عل الكم العددي الدقيق للسلاح الذي تتوفر عليه المجموعات المسلحة بمالي إلا أنه يمكن معرفة نوعه من خلال التقارير الاخيرة التي أوردتها مراكز البحث حيث أن المجموعات المسلحة تتوفر على عديد الأسلحة الفتاكة بداية من البنادق نصف الالية إلى بنادق الكلاشينكوف (نماذج الصينية والرومانية) مرورا بالبنادق الرشاشة فالدبابات القاذفة للصواريخ وكذا قذائف المورتر(نحو 60 و 82 ملم)إضافة إلى مركبات خفيفة مسلحة 4(4X4 نوع دوشكا) و الدبابات الخفيفة (من نوع 6 PT-76 خصوصا بمحافظة غاو) و مركبات مصفحة (من نوع BRDM ) بل وحتى الصواريخ القاذفه (من نوع BM-21)و بعض الصواريخ المضادة للطائرات.**

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى