الدولي

تأجيل توقيع اتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ومتمردي “إم23”

تأجلت مراسم التوقيع على اتفاق السلام بين حكومة الكونغو الديمقراطية وحركة ” ام 23 ” المتمردة اول امس الاثنين بعد اختلاف الجانبين على صياغة الاتفاق في ظل تواصل الجهود الرامية الى تحديد موعد جديد لجولة من مفاوضات هدفها التوصل الى التوقيع على اتفاق شامل بين الطرفين.

و حسب ما أكدته الحكومة الاوغندية فقد تم تأجيل مراسم التوقيع على اتفاق سلام بين حكومة الكونغو الديمقراطية وحركة “23 مارس ” دون تحديد موعد محدد لإجراء محادثات في هذا الشأن تؤدي الى توقيع الاتفاق.

و اكتفى المتحدث باسم الحكومة الاوغندية اوفوونو اوبوندو بالقول ان وفد جمهورية الكونغو الديمقراطية “عدل عن توقيع اتفاق مع حركة ام 23 “م ضيفا ان المحادثات “ارجئت الى اجل غير مسمى“.

و بغية التوصل الى حلول ناجعة تفضي الى اتفاق بين الجانبين بقيت البعثات الحكومية المتواجدة بكمبالا منذ عدة اشهر للتفاوض في هذا الشأن حيث اوضحت مصادر اعلامية ان الجهات المعنية ستناقش اليوم مختلف السبل الرامية لوضع حد للازمة السياسية و الامنية في المنطقة معربة في ذات الوقت عن اعتقادها عدم تمكن الطرفين من اتفاق حاليا.

وكان من المقرر توقيع الاتفاق في عنتيبى باوغندا مساء امس ‘ ويهدف الاتفاق الى انهاء اخطر صراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ عشر سنوات.

وقال وزير الدولة الاوغندي للشؤون الخارجية اوكيلو اوريم “تتمثل العقبة في اختلاف الجانبين حول ما اذا كانا سيوقعان على اتفاق سلام او على اعلان . يتفقان على المحتوى ولكن ليس على الاسم . الحكومة الكونغولية تقول انها جاءت الى هنا للتوقيع على اعلان ” .

و بهذا لم يفض لقاء امس بين الوفد عن حكومة كينشاسا و ممثلين عن حركة التمرد “ام 23” في العاصمة الاوغندية الى توقيع إتفاق سلام يضع حدا للتوتر في الكونغو الديمقراطية ويحدد ملامح المرحلة المستقبلية للبلاد ومنطقة البحيرات الكبرى التي تأثرت بفعل هذا الصراع الذي دام 18 شهرا.

و تعثرت المحادثات طويلا بسبب معايير تتعلق بالتعابير .ذلك ان حكومة كينشاسا لا تريد التوقيع على نص ترد فيه كلمة “اتفاق” و قال المتحدث باسم الحكومة الكونغولية لامبرت موندي “نحن لا نريد التوقيع على اعلان لكن الوسيط في المحادثات يتشبث برايه لسبب نجهله و يريد ان يفرض علينا اتفاقا“.

و كانت حركة “ام 23” تمرد التوتسي الكونغوليين منيت الاسبوع الماضي بهزيمة الحقها بها الجيش الكونغولي الذي يحظى بدعم الامم المتحدة’ و ذلك بعدان عاثت فسادا في المنطقة الغنية بالنفط شمال كيفو 18 شهرا ’و لا تزال عشرات المجموعات المسلحة الاخرى ترعب السكان المحليين في الجبال شرق البلاد.

و الوثيقة التي كان سيتم التوقيع عليها امس يفترض ان تحدد خصوصا مصير 1700 مسلح من حركة”ام 23″ و هو رقم اعلنته كمبالا لا جئين في في معسكرات في اوغندا.

و تبقى بعض المسائل عالقة بخصوص الوصول الى اتفاق شامل و التوقيع عليه من الجانبين خاصة ذلك المتعلق بمصير الزعيم العسكري سلطاني ماكنغا المتهم بارت كاب مجازر و تجنيد الاطفال و الذي يرد اسمه على لا ئحتي العقوبات العائدتين للأمم المتحدة و واشنطن.

كما يعد الدور الذي تلعبه روندا داخل الكونغو نقطة تعثر بالنسبة لاتفاق السلام’ ووفقا لتقارير صادرة عن الامم المتحدة فان روندا قد ساهمت في تكوين جماعة “ام 23” و دعمها ماليا و عسكريا و هي التهم التي ترفضها روندا.

و عشية الاعلان عن توقيع الاتفاق دعا مراقبون الى الحذر لان اتفاقات السلام سابقة لم تمنع استئناف عمليات العنف لأنها لم تطبق على ارض الواقع و كونها كذلك لم تعالج مسائل اساسية مثل عودة اللاجئين و تقاسم الاراضي.

و سبق وان أكدت الحكومة الكونغولية مواصلتها للجهود لحين التهدئة الشاملة في شمال و جنوب “كيفو”(شرق الكونغو) بطريقة او بأخرى سواء بشكل دائم لا رجعة فيه او التخلص من الجماعات المسلحة من خلال اتفاق السلام الذي من شانه وضع الاسس القانونية في هذا الشأن.

و على الرغم من تمسكها و تأكيدها على رغبتها في التوصل الى اتفاق سلام مع حركة التمرد “ام 23” الا ان كينشاسا تبقى متمسكة برفضها التنازل عن بعض المسائل العالقة بين الطرفين منها منح العفو لنحو 80 قياديا من حركة التمرد لخشيتها من قيامهم مرة اخرى بتشكيل طرف جديد من القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية.

و يعد الصراع على الثروات المعدنية التي تتمتع بها الكونغو الديمقراطية من اهم الاسباب التي يراها السياسيون نقطة خلاف للوصول الى امكانية توقيع الاتفاق بين الطرفين حيث كان (الصراع من اجل السيطرة على المعادن يقود القتال بين الطرفين المتنازعين).

و نوه هؤلاء الى ان فشل اتفاقات السلام السابقة يضعف من امال نجاح تحديد موعد اخر لمحادثات جديدة تم الى اتفاق سلام شامل ‘علما انه لم يتم التوصل الى تسوية سلمية لانهاء الحروب داخل الكونغو’ فقد تم ابرام اتفاقيات سلام داخل البلاد بدعم من الامم المتحدة منذ 1998’غير انه وفقا لجميع الاحصائيات لم توفر تلك الاتفاقات حلا واقعيا و استمرات تهديدات بنشوب القتل و تنامي الازمة الانسانية تلوح في الافق دون منع ذلك.

و اذا اعتبرت حكومة الكونغو إستسلام “أم 23” “أكبر إنتصار عسكري لها في ظل 50 سنة من محاربتها للمتمردين الا انها الان تواجه عقبة في التوصل لاتفاق شامل يوقع عليه بين الطرفين بسبب الاختلاف حول ما اذا كان سيوقعان على اتفاق سلام او على اعلان حيث تقول الحكومة الكونغولية انها اتت امس للتوقيع على اعلان فيما تؤكد حركة التمرد على انها تريد التوقيع على اتفاق.

و رجحت اوساط اعلامية استمرار الاضطرابات في الكونغو الديمقراطية على الرغم من المكاسب الاخيرة التي حققتها القوات الحكومية بعد اعلان “ام 23” القائها السلاح قائلة ان الفشل في التوقيع على اتفاق السلام امس و انسحاب القوات الافريقية المؤلفة من قوات تانزانيا و مالاوي و جنوب افريقيا من شرق الكونغو قد يدفع الى استئناف اعمال العنف في المنطقة.

و اعتبر محللون سياسيون انه من المرجح ان تتصاعد حدة الازمة في الكونغو الديمقراطية عقب التطورات التي شهدتها البلاد خاصة بعد تعليق المفاوضات اثر الفشل في التوقيع على اتفاق سلام ‘ الا ان المجتمع الدولي لا يزال لديه امال في التوصل الى اتفاق سريع بين الجانبين لتجنب نشوب حرب جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى