الدولي

تواصل موجة العنف في العراق وسط غياب انسجام المنظومة السياسية لاحتواء الازمة

يتجه الوضع الامني في العراق الى المزيد من التعقيد حيث تشهد المدن و المحافظات سلسلة تفجيرات و عمليات اغتيال شبه يومية راح ضحيتها 67 قتيلا و اكثر من 190 جريح في اقل من 24 ساعة في الوقت الذي لم تتوصل فيه المنظومة و الكتل السياسية لوضع الاسس الكفيلة لاحتواء الازمة.

و على الصعيد الامني قتل عراقيان واصيب اربعة آخرون بجروح من عائلة واحدة اليوم الاحد في انفجار عبوة ناسفة داخل حديقة منزلهم جنوب بغداد فيما لقي 65 شخصا حتفهم وأصيب 190 آخر بجروح في هجمات استهدفت مناطق متفرقة من بغداد مساء أمس السبت.

وتعد هجمات أمس الأكثر دموية في البلاد منذ مقتل 78 شخصا في العاشر من جوان الماضي.

وتأتي هذه التفجيرات في إطار موجة عنف متصاعدة تشهدها العراق والتي راح ضحيتها 3000 شخص خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بحسب أرقام الأمم المتحدة التي حذرت من أن العراق يقف عند حافة حرب أهلية.

وكانت سلسلة من التفجيرات بالسيارات المفخخة ضربت مناطق الكرادة والطوبجي والشرطة الرابعة والمواصلات في بغداد امس اسفرت عن سقوط عشرات الأشخاص بين قتيل وجريح.

و اعتبر محللون سياسيون ان الوضع في العراق الان صعب و معقد بسبب عوامل كثيرة و متنوعة و منها عدم الانسجام للمنظومة السياسية و ازمة الثقة بين قادة الكتل السياسية مؤكدين في ذات الوقت على ان الشىء الاكثر خطورة هو ان هذه الخلافات بدات تؤثر على المجتمع العراقي و على الشارع من خلال الاعتصامات و التظاهرات المطالبة بالتغيير.

وقال هؤلاء ان العراق “لم ينجح في شق طريقه و الخروج من هذا المأزق نظرا لاستمرار موجة العنف التي تحصد يوميا عشرات الضحايا و حتى الازمة السياسية في البلاد تلعب دورا كبيرا في تنامي الخلافات العرقية و الطائفية مخلفة وراءها تربة خصبة تنفذ فيها العمليات الاجرامية“.

وفي ظل هذه الاجواء الأمنية الخطيرة قال سياسيون انه يجب الوقوف على الخطط الامنية التي هي بحاجة الى اعادة نظر وتجديد لمواجهة التحديات وتجديد العقلية الامنية في ادارة الملفات وليس في تغيير الاشخاص هنا وهناك.

الوضع المرتبك سياسيا و عمليا يؤثر على المجتمع العراقي

يعيش العراق اليوم حالة من حالات الازمات السياسية الخانقة بعيدا عن اي مشروع وطني او التأسيس له او بناء مؤسسات الدولة ومنها الدفاع والأمن والاستخبارات و هذه الازمات السياسية اربكت وأضعفت الوضع الامني كثيرا في العراق لانعكاسها المباشر على المؤسسات الامنية التي باتت عاجزة على التصدي لموجة العنف المستمرة في ابلاد.

ومن هذا المنطلق رأى ائتلاف “متحدون” العراقى ان حكومة رئيس الوزراء نورى المالكى “فقدت السيطرة بشكل شبه تام ” داعيا لاتخاذ التدابير اللازمة لتجاوز موضع الخلل فيها مؤكدا على ان العراق يعيش “انهيارا أمنيا حادا لا يمكن السكوت عليه في اشارة الى ما يشهده العراقيون كل ليلة من عمليات تفجير فى شتى المناطق بين الموصل وكركوك والكرادة والمنصور والطوبجى وبابل وديالى“.

وطالب الائتلاف ب”وقفة مسؤولة بحجم التحدى الحاصل ” ملاحظا أن “تعدد وتنوع مواطن الاستهداف انما يؤشر الى أن العراق كله مستهدف بلا تمييز وعلى أبناء الشعب التكاتف لافشال تلك المخططات الاجرامية“.

ومن جانبه حمل “ائتلاف العراقية” بقيادة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي الكتل السياسية مسؤولية تردى الوضع الامنى فى البلاد بسبب تفاقم الازمة السياسية وعدم وضع حلول جذرية لانهائها مؤكدا على وجوب تحمل السياسيين مسؤولية ما يحدث فى البلد من مشاكل أمنية يومية بسبب تعنتهم لامور بسيطة ولدت من خلالها ازمة سياسية خانقة.

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه اعمال العنف في البلاد، أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان الدولة هي المسؤولة عن تطبيق القانون وانها “لا تتساهل مع المليشيات والعصابات التي تتجاوز على حريات الناس وفرض آرائهم الفاسدة” على الآخرين مشيرا الى انه تم اعتقال المسؤولين عن هذه الحوادث فى وقتها وأنهم يخضعون للتحقيق حاليا.

و على خلفية هذه الاحداث ,حذر المتتبعون لتطورات الوضع في العراق من “نشوب حروب أهلية في المنطقة نتيجة الأزمات الداخلية” مشيرين إلى أن “الخلافات الطائفية و العرقية خاصة و غياب الانسجام في المنظومة السياسية كافة تساهم بقدر كبير في إذكاء الصراعات وعدم الاستقرار“.

كما ان الازمات السياسية في العراق و الافتقار الى المصالحة و انهيار عملية مكافحة التمرد و الافراط في المركزية في اتخاذ القرارات الامنية بالاضافة الى غياب عامل الثقة بين قادة الكتل السياسية ساعدت جميعها على ابقاء العراق في “حلقة مغلقة“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى