الوطني

هذه أخطاء تنسيقية الانتقال الديمقراطي قبل موعد زرالدة

أخطاء كثيرة وقعت فيها هيئة المتابعة لتنسيقية الانتقال الديمقراطي قبل موعد ندوة زرالدة، أدت إلى نفور العديد من الفاعلين السياسيين واشتمام رائحة انحراف التنسيقية عن أهدافها. أخطاء يتعين تداركها في المستقبل إذا أراد أطراف هذا التكتل الاستمرار في العمل المشترك، ومن ثمة التأثير في نتائج المواعيد الانتخابية القادمة.

والظاهر أن هذه المواعيد هي نقطة الخلاف الجوهرية بين الأحزاب والتنظيمات والشخصيات العضوة في التنسيقية، علما أن هذه الأخيرة بدأت كتكتل للمعارضة يهدف إلى الضغط على السلطة لقبول التفاوض حول مرحلة انتقالية. لكن بعد سنتين من الندوة الأولى لم تتحرك السلطة بخطوة تجاه المعارضة المجتمعة في خيمة نزل مزافران آنذاك، كما لم تظهر مؤشرات تدل على قرب ميل موازين القوى لصالح المعارضة رغم ضغط الأزمة الاقتصادية الذي يضاف إلى ضغط الأزمة الأمنية على الحدود.

هذه التطورات جعلت أطراف التنسيقية تعيد حساباتها، بل كل طرف أضحى “يحسب لمفرده” على حد تعبير أطراف من داخلها. فهل انتهى دور أكبر تكتل للمعارضة عرفته الجزائر في سنوات الركود السياسي؟ أم الفرصة مواتية لهذه الأخيرة حتى تغير موازين القوى بمناسبة الانتخابات التشريعية مثلا؟ المتمرسون في الشأن السياسي يرون أن المعارضة من مصلحتها المراهنة على تنسيقية الانتقال الديمقراطي في التشريعيات، وإن كان ذلك يتناقض مع مطلب الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات الذي لم تستجب له السلطة في تعديلها للدستور الأخير.

لكن العقبة الأكبر التي تواجه التنسيقية اليوم، هي محاولات الاستحواذ على إرثها من أكثر من طرف تحسبا للمستقبل. ومن مظاهر هذه المحاولات، قائمة المدعوين التي أحضرها كل طرف إلى لجنة تنظيم ندوة تعاضدية عمال البناء. فبينما تم الاتفاق مثلا على عدم حضور أعضاء حركة رشاد إلا كضيوف شرف، وكان هناك من رفض قطعيا حضورهم في البداية، تفاجأ الحضور بصعود ممثل هذه الحركة إلى المنصة لأخذ الكلمة.

ولم تتوقف محاولات الإسلاميين لتدعيم مواقعهم عند حركة رشاد، بل حتى الفيس حاول فرض مشاركته كحزب سياسي قائم وليس بقادته كضيوف مثلما حدث في مزافران، الأمر الذي دفع هؤلاء في آخر المطاف للغياب عن الندوة تماما، بعدما دفعوا حصة حزب سياسي في الاشتراكات المحددة للمشاركين، حيث حددت ثمانية ملايين سنتيم لكل حزب وأربعة ملايين سنتيم لكل جمعية ومليوني سنتيم لكل شخصية.

أما الطرف الأقوى الذي برزت مؤشرات سيطرته على الأشغال والحضور في الندوة، فيتمثل في حزب طلائع الحريات للمرشح الأسبق للرئاسيات، علي بن فليس. فهذا الحزب بفضل الإمكانات المادية والمقرات المتوفرة لديه، يراه أعضاء في التنسيقية ولد كبيرا مثل الأرندي في وقت ما، ما يجعل أحزابا لها تقاليد نضالية عريقة ترفض أن تلعب دور المناولة مع حزب علي بن فليس.

وإن كان غياب محسن بلعباس عن ندوة زرالدة الثانية مؤشرا على تفكير الأرسيدي في الانسحاب، فإن أحزابا مثل حمس وحتى جاب الله وغيره لا يستبعد أن ينسحبوا هم كذلك في المستقبل. ما يجعل أطراف التنسيقية بحاجة لوضع النقاط على الحروف في أقرب الآجال قبل أن تنفجر تنسيقيتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى