الوطني

حسب دفتر شروط السمعي البصري..ممنوعات بالجملة

تلزم أحكام المرسوم التنفيذي الخاص بدفتر شروط السمعي البصري، مسؤولي القنوات والإذاعات بالتقيد بجملة من الممنوعات في شكل التزامات بعدم التعرض بالانتقاد للمسؤولين بعنوان “رموز الدولة ومستلزمات الحفاظ على الأمن والنظام العام وحماية الحياة الخاصة”.

المرسوم أعدته وزارات الداخلية والاتصال والثقافة والأمن الوطني والمخابرات

 من الشروط الواردة في المرسوم، احترام التحقيق القضائي في ظل احترام مبادئ الدستور، لاسيما مبدأ قرينة البراءة والحق في الإعلام والحياة الخاصة وشرفه وصحته وأمنه ولا تشجع القذف أو السب.

ونقرأ في الوثيقة شرطا يتعلق بجنسية العاملين في قنوات السمعي البصري، حيث يلزم النص بمنح الأولوية للكفاءات الجزائرية في التوظيف مع ضمان دورات تدريبية من خلال تخصيص نسبة 2 بالمائة سنويا من الأرباح لهذه الغاية.

ولم يغفل المشروع مسألة الإشهار التي تغذي المعارك السياسية والإعلامية، وفقا لمنطق (العصا لمن عصى والجزرة من دخل بيت الطاعة)، حيث أفرد لها مواد تجبر القنوات على منع بث الإشهار لفائدة الأحزاب أو المترشحين للانتخابات والمداخلات السياسية خارج الحملات الانتخابية، إضافة إلى منع الإشهار الديني، ورعاية البرامج من طرف حزب سياسي أو مترشح للانتخابات.

وفي باب الأخلاقيات والآداب، ينص المرسوم في مادته الـ8 على وجوب سهر مسؤولي التلفزيونات والإذاعات على ضمان التعبير التعددي للتيارات الفكرية والرأي في مضمون البرامج، في ظل احترام مبدأ المساواة في المعاملة والنزاهة والاستقلالية، مع تقييد البرامج السياسية بشرط الحياد والموضوعية والامتناع عن خدمة مصالح المجموعات السياسية أو العرقية أو الاقتصادية أو المالية أو الدينية أو الأيديولوجية، فضلا عن الامتناع عن توظيف الدين لأغراض حزبية ومنافية لقيم التسامح.

وفي المادة الـ11 يلزم المرسوم التلفزيون والإذاعة العمومية على بأن تستفيد الأحزاب السياسية من حيز زمني يتناسب مع انتشارها وطنيا، مع التأكد من صحة المعلومة بالاعتماد على عدة مصادر.

كما يسقط المرسوم آراء المواطنين من القضايا المطروحة للنقاش في البرامج التلفزيونية والإذاعات، مع التأكيد على عدم اعتبارها تصويتا يمثل الرأي العام أو مجموعة بعينها.

وفي مادة أخرى مثيرة للجدل (م. 14)، يحظر على الصحفيين المتدخلين في الحصص الإعلامية استغلال صفاتهم ومكانتهم للتعبير عن طروحات حزبية أو تيارات فكرية، مع وجوب أن يتم التمييز بين سرد الوقائع والتعليق.

ومن المواد التي قد تثقل كاهل القنوات التلفزيونية، اشتراطات كثيرة تحدد هوية البرامج والحصص المعدة للبث ضمن الشبكة البرامجية، كأن تلتزم هذه القنوات ببث برامج وطنية بنسبة 60 بالمائة، و20 بالمائة من البرامج الأجنبية مدبلجة باللغتين العربية والأمازيغية، على أن تعود النسبة المتبقية (20 بالمائة) للبرامج الأجنبية ذات الطابع الوثائقي والأعمال الخيالية، خاصة إذا علمنا أن أغلبية ما يبث في القنوات منذ إنشائها تعمل بميزانيات محدودة، ومنها من هو غارق في الديون، مع تخويل سلطة الضبط للسمعي البصري توقيف بث أي برنامج أو حصة إذا ما رأت أن مضمونه يصنف في خانة المخالف لدفتر الشروط.

وفي نفس الإطار، تعكس المادة 32 من المشروع، إرادة السلطة في إبعاد الإعلام عن ملفات القضاء ذات التأثير الفوري على قناعات المستمع والمشاهد، لاسيما فيما تعلق بقضايا الفساد، حيث يشترط الرجوع إلى مقولة “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، من خلال منع نشر قرارات الاتهام أو أية وثائق أخرى متعلقة بالإجراء القضائي، قبل أن تكون محل نقاش في جلسة علنية، مع عدم التعليق على الأحكام القضائية الصادرة بشكل من شأنه “النيل من سلطة العدالة أو استقلاليتها”.

 قنوات متخصصة فقط

أما بالنسبة لمن يحق لهم ممارسة نشاط السمعي البصري، فإن الحكومة أعدت مرسوما خاصا به، عنونته بشروط وكيفيات الترشح للحصول على رخصة إنشاء قناة تلفزيونية أو إذاعة.  ومن جملة القيود، أن تكون الخدمة السمعية البصرية موضوعاتية، أي متخصصة وليست متنوعة أو عامة، وأن لا يكون تحرك سلطة الضبط إلا بعد صدور قرار وزير الاتصال بفتح باب الترشح بموجب قرار يبلغه إليها لتتكفل بتنفيذه، بدراسة ملفات طلبات الاعتماد والاستماع العلني للمترشحين، على أن يصدر الترخيص متضمنا في مرسوم، مع تمكين المترشحين المرفوضة طلباتهم من حق الطعن أمام سلطة الضبط.

ونسجل في هذا الجانب، اقتراحا تقدمت به سلطة الضبط يخص الجهة المؤهلة لفتح باب الترشح، لتكون هي من يقرر ذلك بعد إخطار وزير الاتصال، بصفته الجهة المانحة للاعتماد.

ومن الشروط، تمتع المساهمين والإداريين بالجنسية الجزائرية، وإثبات وجود صحفيين محترفين ضمن المساهمين، فضلا عن مبلغ المقابل المالي، مع تعهد المترشحين بعدم الانتماء لهيئة مسيرة لحزب وعدم إسناد الإدارة لرئيس حزب.

ويشار إلى أن اللجنة التي أعدت هذين المشروعين، لم تتضمن في عضويتها ممثلين عن وزارتي الشؤون الدينية والعدل، باعتبار أن النصين يكتسيان طابعا قانونيا، وضابطا لمقومات الهوية الوطنية، علما أن اللجنة المذكورة ضمت ممثلين عن وزارات الداخلية والاتصال والثقافة، إلى جانب المديرية العامة للأمن الوطني والمخابرات !! وما يجدر ذكره، غياب أي ذكر للمسألة الدينية التي شكلت وقودا لمتابعات قضائية بسبب تكفير وتحريض على القتل ضد مثقفين ومخالفين للرأي من طرف متشددين نشروا فتاوى بعيدة عن المرجعية الوطنية ومناقضة لروح التسامح التي نادى بها الدين الإسلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى